عودة تداول TACO: عندما تصبح "لعبة الجبناء" لترامب التأرجح القاتل في سوق العملات المشفرة

لا تحرك السوق البيانات الاقتصادية الباردة فحسب، بل تحركها أيضاً الجشع، الخوف، وتقلبات الطبيعة البشرية.

كتابة: Bitget Wallet 

في 11 أكتوبر 2025، شهد سوق العملات المشفرة موجة بيع تاريخية، حيث انهارت مختلف الأصول الرقمية بين ليلة وضحاها، وتراجع سعر Bitcoin بنسبة وصلت إلى 15% في لحظة، بينما هبط Ethereum بأكثر من 20%، وتراجعت العديد من العملات البديلة بأكثر من 70%. ووفقاً لبيانات Coinglass، بلغت قيمة التصفية عبر الشبكة خلال 24 ساعة فقط حوالي 19.3 مليار دولار، وتعرض أكثر من 1.67 مليون مستثمر لتصفية مراكزهم—وتبخر أكثر من 500 مليار دولار من القيمة السوقية لسوق العملات المشفرة العالمي، مسجلاً رقماً قياسياً جديداً في تاريخ السوق.

مصدر البيانات: Conglass، التاريخ: 11 أكتوبر 2025

كان الشرارة التي أطلقت هذه العاصفة منشوراً على وسائل التواصل الاجتماعي من الرئيس الأمريكي ترامب، حيث أعلن عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على جميع السلع الصينية. ومع ذلك، وكما يتكرر السيناريو دائماً، وبعد حالة الذعر الشديدة في السوق، غير ترامب لهجته بسرعة وأطلق إشارات حول "التفاوض مع الصين". وبدورها، تعافت معنويات السوق بعد الانهيار، وعاد Bitcoin إلى ما فوق 11000، وارتدت العملات الرئيسية بأكثر من 10%.

لم يكن هذا تقلباً عشوائياً في السوق، بل كان عرضاً كلاسيكياً لاستراتيجية يطلق عليها المتداولون المحترفون اسم "TACO" (Trump Always Chickens Out، أي "ترامب دائماً يتراجع"). ستأخذك Bitget Wallet Research في هذا المقال لتحليل هذه الاستراتيجية بعمق، واستكشاف كيف تستمر في التأثير على الأسواق المالية العالمية، بما في ذلك العملات المشفرة.

أولاً: تحليل "TACO": لعبة الجبان التي أصبحت مكشوفة للسوق

استراتيجية "TACO" هي اختصار لـ "Trump Always Chickens Out"، وتعني حرفياً "ترامب دائماً يتراجع في اللحظة الأخيرة". ظهر هذا المصطلح لأول مرة على يد كاتب العمود في Financial Times روبرت أرمسترونغ، ليصف تقلبات ترامب في اتخاذ القرارات الكبرى، خاصة في سياسات الرسوم الجمركية، حيث أن المنطق الأساسي هو: عندما تتسبب السياسات في تقلبات عنيفة في السوق أو ضغط اقتصادي، تتراجع الحكومة الأمريكية بسرعة.

مصدر المعلومات: منشورات ترامب على Truth Social (يساراً: تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية، يميناً: تراجع ترامب عن موقفه).

عادةً ما تتبع استراتيجية "TACO" قناة واضحة لنقل التأثير إلى السوق:

إطلاق تهديدات متطرفة → إثارة ذعر السوق وعمليات بيع عشوائية → التراجع عن التهديد عند حافة الانهيار → انتعاش السوق بشكل انتقامي

بالنسبة للمتداولين، فإن هذا السيناريو الشفاف تقريباً يخلق تقلبات هائلة، ويولد نمط تداول فريد. ففي كل مرة يحدث فيها هبوط ذعري، قد يعتبره المضاربون الأذكياء فرصة شراء مثالية، حيث يراهنون على أن ترامب لن "يضغط على الزناد" فعلاً. هذا النمط ليس استثناءً، فبالنظر إلى التاريخ، يمكننا رؤية تكراره بوضوح.

ثانياً: صدى التاريخ: السيناريو مكتوب مسبقاً

لم تكن هذه المسرحية عالية المخاطر تُعرض لأول مرة. فعلى مدى السنوات الماضية، من النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والمكسيك إلى الاحتكاكات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، تظهر بصمات استراتيجية TACO في كل مكان، وتتحرك مختلف الأصول وفقاً لها، مكونة أنماط استجابة منتظمة للغاية.

شرح البيانات: تم تجميع البيانات في الجدول بناءً على مصادر تاريخية علنية. نظراً لاعتماد توقيت نشر السياسات غالباً على توقيت الساحل الشرقي الأمريكي، هناك اختلافات في طرق الإحصاء، لذا الأرقام تقريبية وتستخدم فقط لعكس الاتجاهات الأساسية للسوق.

من خلال البيانات التاريخية، يمكننا أن نرى بوضوح: كمؤشر أساسي للاقتصاد، يعكس مؤشر داو جونز توقعات السوق الفورية بشكل مباشر، حيث ينخفض عند ظهور التهديدات ويرتفع عند صدور إشارات التهدئة؛ بينما يلعب الذهب دور الملاذ الآمن الرئيسي، حيث يرتبط سعره عكسياً مع شهية المخاطرة في السوق؛ وفي معظم الحالات، تُصنف العملات المشفرة مثل Bitcoin كأصول عالية المخاطر، حيث تتقلب أسعارها بشكل متزامن مع الأسهم الأمريكية ولكن بشكل أكثر حدة، مما يظهر "تأثير الرافعة المالية" بوضوح.

ومع ذلك، من الجدير بالانتباه أن تكرار هذا السيناريو أدى إلى ظهور تغيرين دقيقين وعميقين في السوق.

أولاً، تطور نمط استجابة السوق من رد فعل سلبي إلى توقع استباقي. والدليل الرئيسي على ذلك أنه في الأحداث الأخيرة، عندما صدرت إشارات التهدئة، لم ينخفض سعر الذهب كما كان يحدث سابقاً، بل ظل مرتفعاً. وهذا يشير إلى أن قلق السوق بشأن مصداقية السياسات على المدى الطويل وعدم اليقين أصبح يفوق التفاؤل الناتج عن الأخبار الإيجابية قصيرة الأجل. كما يؤكد مسار Bitcoin ذلك، حيث ارتفع سعره قبل إعلان أخبار التهدئة، مستوعباً توقعات الانعكاس، مما أدى إلى ضعف الزخم الصعودي عند تحقق الأخبار الإيجابية. وهذا يدل على أن المتداولين تعلموا "الاستباق"، وأصبحت اللعبة أكثر تعقيداً وتقدماً.

ثانياً، أبرزت الأحداث الطبيعة المزدوجة المعقدة لـ Bitcoin في هذه المرحلة، حيث يتأرجح دوره ديناميكياً بين "أصل عالي المخاطر" و"ذهب رقمي". فعلى الرغم من أن Bitcoin غالباً ما ينخفض مع الأسهم الأمريكية في بداية الذعر، مما يظهر سمة الأصل عالي المخاطر، إلا أن وظيفته كملاذ آمن تظهر أحياناً، كما حدث في أغسطس 2019، حيث تجاهل تراجع الأسهم الأمريكية وارتفع بقوة مع الذهب. هذا التناقض السلوكي يشير إلى أن خصائص Bitcoin السوقية لم تتحدد بعد، وأن استجابته للصدمات الجيوسياسية تعتمد على إجماع السوق في ذلك الوقت، وتدفقات رؤوس الأموال، وطبيعة الحدث—وهذا التأرجح هو أحد أهم سماته الحالية.

ثالثاً: الوضع الطبيعي الجديد لسوق العملات المشفرة: عندما تصبح "التغريدات" ألفا السوق

إن تكرار استراتيجية "TACO" يعيد تشكيل بيئة سوق العملات المشفرة بعمق، ويدفع تقلباتها الداخلية إلى مستوى جديد من التطرف.

أكثر التأثيرات المباشرة لهذه الاستراتيجية هو الترقية الشاملة لأبعاد اللعبة في السوق. لم تعد تحليلات القيمة القائمة على أساسيات المشاريع أو بيانات السلسلة بلا جدوى، ولكن فوقها، يتشكل بهدوء ميدان معركة ماكرو عالي التردد تقوده "التغريدات" و"العناوين الرئيسية"، ويحتل مكانة متزايدة الأهمية. ومن الجدير بالذكر أن اللاعبين الرئيسيين في هذا الميدان الجديد لم يعودوا فقط من KOLs الأصليين في عالم الكريبتو والحيتان، بل توسعوا ليشملوا رؤوس الأموال التقليدية (TradFi) ذات الثقل المالي الكبير، والشخصيات العامة ذات التأثير الاجتماعي الهائل. وهذا لا يمثل فقط تغييراً في هوية المشاركين، بل هو أيضاً إشارة واضحة على تسارع اندماج سوق العملات المشفرة في السرد الماكرو العالمي.

في ظل هذا البعد الجديد، تتضخم الفرص والمخاطر الهيكلية في السوق معاً. أدى انتشار التداول الخوارزمي إلى تفاقم "ردود الفعل السريعة" في السوق، حيث يمكن للنماذج البرمجية التقاط المعلومات وتنفيذ عمليات ضخمة في أجزاء من الثانية، مما جعل مشاهد "الشلالات" و"الصواريخ" اللحظية على الرسوم البيانية أكثر شيوعاً. تغريدة واحدة في منتصف الليل قد تشعل تصفيات مشتقات بمليارات الدولارات مع بزوغ الفجر في الأسواق الآسيوية—وهذا هو أقصى تجسيد للمخاطر، وأيضاً نافذة أرباح حتمية في الهيكل الجديد.

لكن السؤال الحقيقي الذي يجب التفكير فيه هو: ما هو التأثير طويل الأمد لهذا "تأثير الذئب قادم" الفريد؟

مع تعود المتداولين تدريجياً على سيناريو "التهديد - الانعكاس"، أصبحت استجابة السوق الأولية للأخبار السلبية المماثلة أقل حدة، وغالباً ما يصاحب الهبوط عمليات شراء مقاومة. لكن هذا يحمل في طياته خطراً هائلاً خاصاً بسوق العملات المشفرة: إذا تم تنفيذ سياسة متطرفة بالفعل دون تهدئة لاحقة، ونظراً لغياب آليات وقف التداول وغيرها من أدوات التهدئة في الأسواق المالية التقليدية، فقد يواجه المستثمرون المعتادون على التداول المعاكس كارثة مدمرة بسبب عدم الاستعداد، مما قد يؤدي إلى انهيار حلزوني في السوق.

نظرة إلى المستقبل، من المتوقع أنه طالما استمرت هذه اللعبة السياسية التي تعتمد على خلق الأزمات لجمع الأوراق، فلن تختفي "صفقات TACO". سيصبح المتداولون أكثر تركيزاً على اقتناص الفرص قصيرة الأجل في ظل هذه التقلبات المتوقعة، مما يشكل أنماط "انعكاس V" أكثر حدة. ومع تعمق فهم السوق لهذا النمط، ستصبح اللعبة أكثر تعقيداً، وقد تتحول الانعكاسات البسيطة إلى أشكال مركبة يصعب التنبؤ بها. في هذا السياق، لن يكون الفوز في السوق مرهوناً بتحديد اتجاه الاتجاه، بل بتوقع توقيت "الانعكاس".

رابعاً: الإبحار وسط "ضوضاء ترامب": قواعد البقاء للمستثمرين

في مواجهة سوق متقلب بهذا الشكل، كيف يجب أن يتصرف المستثمرون؟ أولاً، يجب احترام الرافعة المالية والتحكم في المخاطر. فحركة "TACO" هي "مفرمة" لمتداولي العقود ذات الرافعة المالية العالية، حيث يمكن أن تتبخر أي مراكز عالية الرافعة في لحظة أثناء الأحداث المدفوعة بالأخبار، لذا فإن خفض الرافعة المالية وترك هامش كافٍ هو قاعدة البقاء الأولى لعبور التقلبات. ثانياً، يجب تعلم تجاوز الضوضاء والعودة إلى المنطق السليم. بدلاً من الانشغال بتوقع متى سيحدث الانعكاس التالي، من الأفضل التركيز على القيمة طويلة الأجل للمشروع. في أوقات الذعر، التفكير فيما إذا كان ما أمامك هو "أصل عالي الجودة بسعر مخفض" أم "سكين ساقط" أهم بكثير من مراقبة الشموع البيانية. وأخيراً، من الناحية العملية، يجب تنفيذ توزيع الأصول وتحقيق التحوط المتنوع. لا تضع كل البيض في سلة واحدة، فالتوزيع المناسب لأصول ذات درجات مخاطر مختلفة في المحفظة الاستثمارية هو وسادة فعالة ضد المخاطر المجهولة.

الخاتمة: عدم اليقين هو اليقين الوحيد

في جوهرها، استراتيجية "TACO" هي انعكاس للعبة الجيوسياسية في الأسواق المالية. من الحروب التجارية إلى موجات البيع في سوق العملات المشفرة، أثبتت مراراً وتكراراً أنه في عالم اليوم المترابط والمضخم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن لتصريح شخص واحد أن يثير عواصف في الأسواق العالمية. وهذا يذكرنا أيضاً بأن ما يحرك السوق ليس فقط البيانات الاقتصادية الباردة، بل أيضاً الجشع، الخوف، وتقلبات الطبيعة البشرية.

بالنسبة لكل مستثمر يعيش في هذا العالم، فإن التعرف على هذا النمط وفهمه قد لا يجعلك منتصراً دائماً، لكنه على الأقل يساعدك على البقاء متيقظاً واتخاذ قرارات أكثر عقلانية عند هبوب العواصف. لأن في هذا العصر، أكبر يقين ربما هو عدم اليقين الذي تفرضه السياسة الكلية نفسها.