يشهد قطاع البلوكتشين في عام 2025 تحوّلًا لافتًا في خريطة المطورين، حيث واصلت إيثيريوم تفوّقها من حيث عدد المبرمجين النشطين، في حين صعدت سولانا بسرعة لتصبح المنافس الأبرز من حيث النمو والابتكار.
فبحسب بيانات “إلكتريك كابيتال”، أضافت إيثيريوم 16,181 مطورًا جديدًا بين يناير وسبتمبر 2025، وهو رقم يتجاوز أي منصة بلوكتشين أخرى. وفي المقابل، سجلت سولانا قفزة نوعية بعد انضمام 11,534 مطورًا جديدًا خلال العام، بزيادة بلغت 83% على أساس سنوي، ما جعلها المنصة الأسرع نموًا في التقرير السنوي للشركة لعام 2024.
من جهتها، أكدت مؤسسة إيثيريوم أن شبكتها لا تزال الوجهة الأولى للمطورين الجدد في عام 2025، إذ تضم 31,869 مطورًا نشطًا، أي ما يقارب ضعف عدد مطوري سولانا البالغين 17,708. هذا التباين يعكس اختلافًا في طبيعة المنافسة؛ فبينما تتفوق إيثيريوم من حيث الحجم والاستمرارية، تبرز سولانا كرمز للزخم السريع والتجديد التقني داخل النظام الرقمي.
كما احتلت بيتكوين المرتبة الثالثة بـ7,494 مطورًا جديدًا و11,036 مساهمًا نشطًا، لتؤكد استمرارها كقوة أساسية في النظام رغم تركيزها المحدود على الابتكار البرمجي مقارنةً بمنافسيها.
ورغم هذا النمو الملحوظ، تُظهر بيانات إلكتريك كابيتال تراجعًا إجماليًا بنسبة 7% في عدد مطوري العملات الرقمية خلال عام 2024. إلا أن المطورين ذوي الخبرة الذين تجاوزت خبرتهم عامين شكّلوا نقطة مضيئة في المشهد، بعدما ارتفع عددهم بنسبة 27% وساهموا بإنتاج 70% من الأكواد البرمجية الجديدة.
في المقابل، يشهد التوزيع الجغرافي للمطورين تحولًا واضحًا؛ إذ أصبحت آسيا اليوم المركز الأول لنشاط التطوير العالمي، متقدمةً على أميركا الشمالية. وسجلت الهند أعلى عدد من المطورين الجدد في مجال العملات الرقمية عام 2024، بينما انخفضت حصة المطورين الأميركيين إلى 19% بعد أن كانت 38% عام 2015.
وبحسب تقرير Electric Capital، فإن واحدًا من كل ثلاثة مطورين رقميين يعمل الآن على أكثر من شبكة بلوكتشين واحدة، بعد أن كانت النسبة أقل من 10% في عام 2015، ما يعكس توسع مفهوم التعاون بين المنصات. كما ساهمت منصة Base بنسبة 42% من الأكواد الجديدة المنتجة ضمن منظومة إيثيريوم، ما يؤكد حيوية النظام الإيكولوجي المحيط بها.
ومع ذلك، تواجه إيثيريوم تحديًا متزايدًا في الحفاظ على تفوقها مع دخول منصات مثل سولانا وبوليغون إلى الساحة بقوة. فوفقًا لتقرير صادر عن شيرلوك كوميونيكيشنز، أظهر مطورو أميركا اللاتينية ميلًا واضحًا نحو العمل على شبكات إيثيريوم وبوليغون، إذ استحوذت الأولى على أكثر من 75% من نشاط البلوكشين في المنطقة بين يونيو 2024 ويونيو 2025، بينما ارتفعت حصة بوليغون من 11% إلى 20%.
وأشار الباحث لويز إدواردو أبريو حداد إلى أن المطورين في المنطقة يُظهرون “نضجًا تقنيًا متزايدًا”، مع تركيز على “حل مشاكل العالم الحقيقي” ضمن أنظمة رقمية قائمة وموثوقة، بدلًا من بناء شبكات جديدة من الصفر.
في المحصلة، يبدو أن مشهد تطوير البلوكشين يسير نحو مرحلة جديدة من النضج والتنوع. فبينما تواصل إيثيريوم قيادة السباق من حيث القوة المؤسسية وعدد المطورين، تفرض سولانا حضورها كمنصة الابتكار السريع والمرونة التقنية. ومع دخول أسواق ناشئة مثل الهند وأميركا اللاتينية على خط التطوير، تتجه الصناعة نحو عصر متعدد الأقطاب يعيد رسم ملامح مستقبل البرمجة في عالم العملات الرقمية.
