يتخذ البنك المركزي الأوروبي (ECB) خطوات طموحة لإطلاق عملته الرقمية الخاصة، اليورو الرقمي. بعد سنوات من البحث والتحضير، يضع البنك المركزي هدف إطلاق رسمي لهذه العملة في عام 2029. إذ تُمكّن هذه الخطوة أوروبا من أن تصبح لاعبًا رئيسيًا في سباق العملات الرقمية للبنوك المركزية على المستوى العالمي، رغم الجدل الدائر حول مسألة الخصوصية والتنظيم.
يستكشف البنك المركزي الأوروبي فكرة اليورو الرقمي منذ عام 2020، بهدف تزويد الأوروبيين بطريقة دفع رقمية آمنة ومجانية ومقبولة عالميًا، تُبقيهم قادرين على استخدامها حتى في أوقات الأزمات، مثل الحروب أو الهجمات الإلكترونية.
بدأ المشروع بالتحضير في وقت لاحق من عام 2023، ويواصل البنك المركزي الأوروبي اليوم هذا العمل التحضيري في انتظار استكمال الإطار القانوني من قبل المشرّعين. ومن المتوقع أن يتم إعداد التشريع بحلول عام 2026، على أن تبدأ الاختبارات التجريبية في عام 2027، وصولًا إلى الإطلاق الكامل في عام 2029.
على الرغم من التقدم المستمر، يواجه مشروع اليورو الرقمي مقاومة داخل الاتحاد الأوروبي، حيث لا تزال الانقسامات قائمة بين المشرّعين والبنوك، وحتى بين بعض الدول الأعضاء. وتشمل المخاوف الرئيسية تهديد الخصوصية، وسيطرة الحكومات، وتأثير ذلك على شركات الدفع الخاصة.
يفضّل حزب الشعب الأوروبي اعتماد خيارات خاصة بدلًا من العملة الرقمية للبنك المركزي، معتمدًا على شركات الدفع الأميركية مثل فيزا وماستركارد وباي بال. ومع ذلك، يرى كثيرون أن اليورو الرقمي يمكن أن يعزز الاستقلال المالي للاتحاد الأوروبي ويقلّل الاعتماد على البنى التحتية الأجنبية.
هذا وأفاد المجلس الأطلسي بأن ثلاث دول فقط طبقّت عملة رقمية للبنك المركزي بشكل كامل، وهي نيجيريا وجزر البهاما وجامايكا، بينما توجد حوالي خمسين دولة أخرى في مراحل تجريبية أو تطويرية.
يؤكد المؤيدون أن عملات البنوك المركزية الرقمية تساهم في تسريع المدفوعات وتعزيز الشمول المالي، في حين يحذر المنتقدون من أن هذه العملات قد تشكل خطرًا على الخصوصية وتزيد من الرقابة الحكومية. وتستمر هذه النقاشات مع تطبيق الدول لمختلف نماذجها الرقمية.
إذا سارت الأمور وفق المخطط، فمن المتوقع أن يطلق البنك المركزي الأوروبي عملته الرقمية بحلول منتصف عام 2029، ما يمثل انتصارًا كبيرًا للاقتصاد الرقمي الأوروبي، وقد يؤثر على كيفية تعامل الاقتصادات الكبرى الأخرى مع العملات الرقمية.
رغم استمرار بعض العقبات، تُظهر استراتيجية البنك المركزي الأوروبي رؤية واضحة تهدف إلى توفير وسيلة دفع معاصرة وآمنة ومستقلة لأوروبا في المستقبل.
