شهدت سوق العملات الرقمية الأميركية تقلبات حادة خلال الأسبوع الماضي، وسط موجة من عمليات البيع الواسعة التي أثارت قلق المستثمرين وألقت بظلالها على أداء أبرز الأصول الرقمية. ويأتي ذلك في وقتٍ تتزايد فيه التوترات الاقتصادية العالمية، إلى جانب حالة عدم اليقين التي تخيّم على السياسات المالية والنقدية في الولايات المتحدة.
قام المستثمرون بسحب ما مجموعه 2.6 مليار دولار أميركي من صناديق تداول بيتكوين وإيثيريوم الأميركية الفورية خلال الأسبوع الماضي، مسجلين بذلك واحدة من أكبر فترات الاسترداد في تاريخ هذه الصناديق.
ووفقًا لبيانات من شركة Farside Investors، فإن أكثر من 1.9 مليار دولار أميركي التي غادرت صناديق بيتكوين، و718.9 مليون دولار أميركي التي سُحبت من نظيراتها من إيثيريوم منذ 29 أكتوبر، ساهمت في زيادة الضغط على أكبر عملتين رقميتين من حيث القيمة السوقية.
ويوم الثلاثاء، انخفضت قيمة بيتكوين إلى ما دون 100,000 دولار أميركي لأول مرة منذ مايو. وكان السعر يُتداول مؤخرًا عند ما يزيد قليلًا عن 103,428 دولارًا أميركيًا، بارتفاع قدره 2.6% خلال اليوم، لكنه لا يزال أقل بنحو 18% من مستواه القياسي المسجل في أكتوبر عند 126,080 دولارًا أميركيًا، وفقًا لبيانات CoinGecko.
أما إيثيريوم، فقد بلغ سعرها 3,439 دولارًا أميركيًا بزيادة تجاوزت 5% خلال 24 ساعة، رغم انخفاضها الحاد بنسبة 13% خلال الأسبوع الماضي. وواجهت ثاني أكبر عملة رقمية صعوبة في التداول بالقرب من أعلى مستوى لها الذي لامسته في أغسطس عند 4,946 دولارًا أميركيًا.
ابتعد المستثمرون بشكلٍ ملحوظ عن الأصول الرقمية وغيرها من الاستثمارات عالية المخاطر منذ أكتوبر، وسط مخاوف من تصعيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لحربه التجارية ضد الصين، واستمرار الإغلاق الحكومي، وانخفاض السيولة في السوق، إلى جانب تراجع احتمالات خفض أسعار الفائدة الأميركية للمرة الثالثة قبل نهاية العام.
وعلى الرغم من الخطاب الداعم للعملات الرقمية الذي يتبناه ترامب، فإن بيتكوين عانت من صدمات إلى جانب أسهم التكنولوجيا خلال الأشهر الأخيرة، نتيجةً لاستمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي الكلي.
وفي فبراير، شهدت صناديق بيتكوين المتداولة في البورصة أطول سلسلة خسائر لها وأكثرها إيلامًا، إذ سحب المستثمرون أكثر من 2.2 مليار دولار على مدار ثمانية أيام متتالية عقب تصريحات ترامب بشأن الرسوم الجمركية.
كانت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC) قد وافقت العام الماضي على صناديق تداول بيتكوين وإيثبريوم الفورية، ما أتاح للمستثمرين التقليديين، وحتى المؤسسات، دخول عالم الأصول الرقمية من خلال صناديق منظمة تُتداول في البورصات.
وصرّح المستشار المالي ريك إيدلمان، رئيس مجلس الأصول الرقمية للمستشارين الماليين، أن التدفقات الخارجة لا تعكس الصورة الكاملة، موضحًا أن صناديق بيتكوين جمعت أصولًا تجاوزت 100 مليار دولار. وأضاف أن خروج ملياري دولار لا يمثل سوى 2% فقط من إجمالي الأصول، وهو أمر لا يُعد مقلقًا في السياق العام.
وأضاف: “اللافت للنظر أنه على الرغم من هذه التدفقات الخارجة، لم ينهار سعر بيتكوين، ويعود ذلك إلى التدفقات المؤسسية القوية التي تحدث في الوقت نفسه. لم يكن هذا هو الحال قبل 10 أو 5 أو حتى عامين، وهذا يُظهر استمرار نضج هذه الفئة من الأصول”.
